إصلاح ذات البين
إن الإسلام يوجب على المؤمن أن يجعل الإصلاح بين الناس أهم أهدافه في الحياة. إذ بالإصلاح تصبح الأمة وحدة متماسكة ، يسعى بعضها في سبيل إصلاح الآخر . أما اذا أهمل الإصلاح فإن الأمة تتفكك وتتجزأ .
لنفترض وقعت عداوة بين شخصين من المسلمين ولم يصلح بينهما ، فماذا ترى تكون النتيجة؟
لا شك أن النتيجة تكون حتماً تفشي العداء بين مجموعة من المسلمين ، إذ أن لكل من الشخصين اصدقاء وأقارب ومريدين ، ومن الطبيعي ان يتأثروا لصاحبهم ويميلوا إليه ، ويكون الحكم للعاطفة في مقام الخصام ، فينتشر العداء بين الطرفين ، وربما يؤدي الأمر إلى التشاجر والتهاتر بل إلى سفك الدماء .
إن إصلاح ذات البين في نظر الإسلام من ارفع الصفات الإنسانية ، وأعظم أفراده نصيحة المؤمن لأخيه المؤمن ، ولذلك عده أفضل من عامة الصوم والصلاة واعد للناهضين به اجراً عظيماً . قال رسول الله (ص) «أفضل الصدقة إصلاح ذات البين» : وقال الإمام الصادق (ع) : «صدقة يحبها الله تعالى: إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا ، وتقارب بينهم إذا تباعدوا» .
وقد بلغ من اهتمام الإسلام بإصلاح ذات البين أن أعطى المسلم رخصة في الكذب إذ احتاج إصلاح المتعاديين إليه ، أو توقف عليه ، كما رخص فيه في الحرب لكيد العدو : قال رسول الله (ص) «كل الكذب مكتوب ، إلا أن يكذب الرجل في الحرب ، فإن الحرب خدعة ، أو يكذب بين اثنين ليصلح بينهما» . وقال الإمام الصادق (ع) «المصلح ليس بكاذب» «يعني إذا تكلم بما لا يطابق الواقع فيما يتوقف عليه الإصلاح لم يعد كلامه كذباً ، وهذا يدل على وجوب الإصلاح بين الناس لأن ترك الكذب واجب ولا يسقط الواجب إلا بواجب اوكد منه».